سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 20 أكتوبر 1827.. الحلفاء يهزمون إبراهيم باشا أثناء غيابه والعثمانيين فى موقعة نافارين ويدمرون أسطولى محمد على وتركيا ويقتلون 3 آلاف جندى

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 20 أكتوبر 1827.. الحلفاء يهزمون إبراهيم باشا أثناء غيابه والعثمانيين فى موقعة نافارين ويدمرون أسطولى محمد على وتركيا ويقتلون 3 آلاف جندى

نشبت الثورة فى اليونان ضد حكم الأتراك فى مارس 1821، وامتدت من جزيرة إلى أخرى، وتألفت فى يناير 1822 جمعيات وطنية أعلنت استقلال البلاد، وأرسل السلطان العثمانى محمود ثلاث حملات عسكرية لإخماد الثورة لكنها هزمت جميعا، فطلب النجدة من محمد على باشا بإخماد الثورة فى جزيرة «كريت» و«قبرص»، وولاه إدارتها، حسبما يذكر الدكتور عبدالرحمن زكى فى كتابه «التاريخ الحربى لعصر محمد على الكبير».

استجاب محمد على لمطلب السلطان العثمانى، ويرى عبدالرحمن زكى أن محمد على وجدها فرصة ليظهر للعالم قوته، وليبسط حكمه على جنوب أوروبا فيحول شرق البحر المتوسط لبحيرة مصرية، وفى 11 يوليو 1821 أرسل أول حملة، وتكونت من 16 سفينة عليها 800 مقاتل، انضمت إلى الأسطول التركى المكون من 20 قطعة، وتبعها فى 8 مارس 1822 بإرسال أسطول مصرى جديد مكون من 29 سفينة و5500 جندى إلى جزيرة «كريت»، وحاربوا الثوار حتى انتصروا عليهم فى عام 1823، وفى 1824 استجاب محمد على لطلب السلطان بتجهيز حملة إلى جزيرة المورة، وأقلعت حملة ثالثة بقيادة ابنه وقائد جيوشه إبراهيم باشا من الإسكندرية يوم 19 يوليو 1824.

واصل إبراهيم باشا انتصاراته، وانتزع مدينة نافارين من الثوار اليونانيين فى يونيو 1825، وأمضى أكثر من عام فى المورة ينتقل من معركة إلى أخرى، حتى سيطر عليها، كما سقطت مدينة أثينا فى أيدى الأتراك فى يونيو 1827، مما أثار أوروبا، ويذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر محمد على» أن انتصارات إبراهيم والأتراك أثارت مخاوف الأوربيين، فتجددت المفاوضات بين إنجلترا وفرنسا وروسيا، وأسفرت عن إبرام معاهدة لندن فى 6 يوليو 1827، التى قضت بوقف القتال تمهيدا للوساطة بين تركيا واليونان، وإذا لم يقبل الباب العالى فى مدة شهر من إبلاغه بها، تلجأ هذه الدول إلى القوة لتنفيذ مطلبها، وفيما ابتهج الثوار اليونانيون بهذه الخطوة، كانت هذه الدول تعرف أن تركيا سترفض، فاتفقوا على إرسال أساطيلهم إلى مياه اليونان لتأييد مطالهم بالقوة، ولمنع السفن المصرية والعثمانية من الوصول إلى شواطئ اليونان، وإرسال المدد إلى الجيشين التركى والمصرى.

يذكر عبدالرحمن زكى، أنه حين تلقى إبراهيم نص هذه المعاهدة، قال: «ليس بوسعى الجزم بشىء مطلقا، ما لم ترد إلى رسالة من سمو والى مصر، وفرمان من جلالة السلطان، فإنهما الرئيسان اللذان بأمرهما ائتمر، وإنى منذ اليوم باعث إليهما رسولا لإخبارهما بما حدث وما على إلا انتظار العمل، ومهما يكن الخطر الذى أنا مهدد به، فإنى لن أحيد عن خطتى قيد شعرة»، ويضيف «زكى»، أن الباب العالى رفض هذه الوساطة، وكان جوابه على رسالة إبراهيم دعوته إلى استئناف القتال بأقصى شدة، واتصل بمحمد على قرار الباب العالى فى ذلك الصدد، فقال لضابط فرنسى من ضباط بحريته: «إن ولدى إبراهيم سيدأب على القتال بشدة حتى النهاية. إنى عارف بطبعه».

على أثر ذلك احتشد الطرفان بحرا وبرا لتنفيذ إرادتهما، ويذكر «الرافعى»، أن محمد على أمد إبراهيم بأسطول أبحر من الإسكندرية فى أوائل أغسطس 1827 بقيادة الأميرال محرم بك، وتألف من 18 سفينة بحرية مصرية و16 سفينة تركية، و4 تونسية، و6 جرافات و40 مركبا لنقل الجنود وعددهم 4600 مقاتل ورسوا جميعا فى ميناء نافارين فى 9 سبتمبر 1827، وانضمت إلى أسطول تركى آخر جاء من الآستانة، بقيادة الأميرال طاهر باشا، وعدده 23 سفينة، وتولى إبراهيم باشا القيادة العامة لقوات البر والبحر، وساء الحلفاء هذا التحرك فتحركت أساطيلهم، وأنذروا إبراهيم بتنفيذ مطالبهم طبقا لمعاهدة لندن.

بينما كانت الأمور تمضى على هذا النحو، يذكر «الرافعى» أن إبراهيم غادر نافارين فى منتصف أكتوبر 1827، وزحف بجزء من جيشه داخل المورة لإنجاد الحامية المصرية، وأوصى الأميرال محرم بك قائد الأسطول المصرى، وطاهر بك قائد الأسطول التركى، بعدم التحرش بأساطيل الحلفاء، وفى 18 أكتوبر، أرسل قواد هذه الأساطيل إنذارا إلى إبراهيم بأنه نقض الهدنة، ولما عاد رسولهم دون أن يقابله لسفره، اعتبروا أن ما جرى ذريعة للحرب، وبعد تحرشات منهم نشبت المعارك فى الساعة الثالثة بعد ظهر 20 أكتوبر، مثل هذا اليوم 1827.

يؤكد «الرافعى» أن المعركة استمرت ساعتين وانتهت فى الخامسة مساء، وقضت على الأسطولين المصرى والتركى، وبلغ عدد القتلى المصريين والأتراك ثلاثة آلاف، وخسر الحلفاء 140 من القتلى و300 من الجرحى فقط، وفقدت مصر أسطولها الذى أنفق محمد على كثيرا من الأموال فى سنين طوال لإنشائه، ويضيف «الرافعى»، أن إبراهيم باشا لم يشهد واقعة نافارين، إذ كان داخل بلاد مورة يعمل على إخضاعها، ولما علم عاد ليرى آثار الكارثة، فحزن حزنا شديدا، ثم أمر بإعداد بعض السفن التى نجت، وتعويم بعض التى غرقت وأنفذها إلى الإسكندرية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *