من وورلد جيم إلى عالم القضايا.. كيف سقطت فتنس برايم من فوق التريد ميل؟

من وورلد جيم إلى عالم القضايا.. كيف سقطت فتنس برايم من فوق التريد ميل؟

قبل عامين فقط، كانت شركة فتنس برايم للأندية الصحية، عنوانًا لطموح جديد في سوق اللياقة البدنية بمصر، فدخولها البورصة من خلال سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة جاء كإشارة ثقة بأن الصناعة الرياضية بدأت تكتسب بعدًا استثماريًا.

لكن القصة لم تكتمل كما خطط لها، فمن وعود بالتوسع الإقليمي تحت علامة “وورلد جيم” إلى نزاعات قضائية، وغرامات مالية، واتهامات بإدارة عشوائية، أصبحت الشركة اليوم مثالًا حيًا على كيف يمكن أن تتحول الطموحات إلى أزمات مالية وتنظيمية متلاحقة.

 

بداية القصة

منذ طرحها في سوق “النيل”، كانت الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية تتابع عن قرب إفصاحات شركة فتنس، تراقب التزامها بالقواعد، وتطالبها بتحديث بياناتها المالية، لكن المؤشرات لم تكن مطمئنة: تقارير متأخرة، مخالفات محاسبية، ونظام إداري يوصف بأنه “يدوي” في عصر الرقمنة.

ولم يمر وقت طويل حتى فرضت غرامات بلغت 40 ألف جنيه على الشركة بسبب عدة خروقات لقواعد الفيد، تلتها غرامة إضافية قدرها 10 آلاف جنيه على خلفية خروقات تتعلق بفسخ عقد الرعاية مع شركة فاكت، إضافة إلى إيقاف لتداول السهم مؤقتًا عدة مرات ثم استئنافه بعد استجابة الشركة لاستفسارات البورصة حول عدة نقاط شملت أسباب اعتذار مراقب الحسابات، وعزل الرئيس التنفيذي سامح المنجوري، وتعيين مدير مالي جديد.

بداية الانهيار

ورغم هذه البوادر، إلا أن انهيار الشركة الحقيقي، جاء بعدما فقد السوق الثقة في الشركة، بعد فسخ التعاقد مع العلامة الأمريكية “وورلد جيم” التي قامت عليها خطة التوسع، ففي مارس 2025، أعلنت الشركة رسميًا انتهاء الامتياز التجاري في مصر والسعودية، وهو ما أطاح بالخطة التي كانت تستهدف إنشاء سلسلة فروع وفرانشايز إقليمية.

وهكذا فقدت الشركة أهم أصولها غير الملموسة – علامتها التجارية – في الوقت الذي كانت تحاول فيه جذب مستثمرين جدد وزيادة رأس المال بـ 150 مليون جنيه، وهو طلب رفضته الهيئة الرقابية لاحقًا.

صرامة الرقابة المالية

وفي قلب هذه الأزمة يقف اسم سامح المنجوري، الرئيس التنفيذي السابق الذي تمت إقالته في يناير 2025 بعد توتر متصاعد مع مجلس الإدارة، دفعتهم لتحريك دعاوى جنائية ضده بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد بإجمالي يقارب 19 مليون جنيه، صدرت فيها أحكام غيابية بالسجن ثلاث سنوات في كل قضية.

أما القضية الأبرز فهي المنظورة حاليًا أمام المحكمة الاقتصادية بالقاهرة، والتي تطالب فيها الشركة بتعويض قدره 55 مليون جنيه عن أصول ومشروعات تبين عدم وجودها أثناء الجرد، تم تحميلها على المنجوري بوصفه المسؤول التنفيذي وقتها، وستنظر في 29 أكتوبر 2025.

ومع استمرار المخالفات، تدخلت هيئة الرقابة المالية، وشكلت لجنة تحقق ميداني زارت مقر الشركة، وما وجدته اللجنة أعاد فتح كل الملفات دفعة واحدة أبرزها غياب النظام الإلكتروني في المحاسبة، وعدم الإفصاح عن الأثر المالي لتطبيق معايير المحاسبة الجديدة، وتضارب في بند الأصول الثابتة، ونزاعات حول معدات رياضية قيمتها 11 مليون جنيه محتجزة بسبب مديونية لصالح البنك الأهلي، والأخطر نزاع على أصول ثابتة قيمتها 55 مليون جنيه بين الشركة ورئيسها التنفيذي السابق سامح المنجوري.

توابع الانهيار

وفي جلسة 15 أكتوبر 2025، قررت لجنة القيد بالبورصة، نقل تداول سهم فتنس برايم إلى السوق غير النشط (القائمة د)، تطبيقًا لقرارات رئيس البورصة أرقام 92 لسنة 2021 و228 لسنة 2024، بعد ثبوت عدم استيفاء الشركة لمعايير الإفصاح والحوكمة، القرار الذي بدأ تنفيذه في جلسة 16 أكتوبر 2025، يعني فعليًا خروج السهم من دائرة الاهتمام الاستثماري، وتحوله إلى ورقة محدودة التداول حتى إشعار آخر.

في الوقت نفسه منحت للهيئة العامة للرقابة المالية، الشركة مهلة 30 يومًا لتقديم قوائم مالية معتمدة خالية من التحفظات من مراقب الحسابات، إلى جانب خطة إصلاح واضحة بالمواعيد الزمنية لعرضها على لجنة القيد، ورفض نشر تقرير الإفصاح بشأن زيادة رأس المال المصدر نقدًا بمبلغ 150 مليون جنيه.

ومن قاعة المحكمة إلى شاشة التداول، ومن لجان التفتيش إلى اجتماعات المساهمين، يترقب المستثمرون بالبورصة الجولة القادمة في صراع المنجوري – فتنس برايم، والتي قد تحدد مصير واحدة من أكثر الشركات الرياضية جدلاً في البورصة المصرية خلال عام 2025.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *