
في جريمة مروعة هزت محافظة أسيوط، لقي الشاب محمود أحمد جلال 38 عامًا، مصرعه غدرًا على يد زميله في العمل، بعد أن شهد ضده في واقعة سرقة داخل الشركة، في جريمة تعكس انحدار الضمير الإنساني إلى أقصى درجات الانحطاط.
نشأ محمود في بيت متواضع، وسط أسرة تربت على الدين والأخلاق والقيم. لم يكن في مخيلته يومًا أن يكون الصدق والأمانة هما السبب في أن يُغتال بهذه الطريقة البشعة. الشاب الثلاثيني، خريج كلية أصول الدين، كان قد شُهد له من الجميع بحُسن الخلق والضمير الحي، حتى تم اختياره أمينًا لاتحاد الطلاب أثناء دراسته الجامعية.
بدأ حياته العملية مبكرًا، فعمل في مصنع للسكر ثم التحق بشركة “أوراسكوم للطرق”، ومع تقدمه في الحياة، تزوّج من فتاة ذات خلق ودين، وقرّر العمل على سيارة اشتراها بماله الخاص، لنقل الموظفين بين القاهرة وأسيوط، وكان من بين الراكبين الدائمين السيدة “كوكب”، صديقة العائلة ومدرّسة زوجته، والتي كانت تعتبره بمثابة ابن لها.
لكن مسيرة محمود المهنية قادته للعمل مع زميل يُدعى محمد عصام، رجل بعيد كل البعد عن النزاهة. كان محمود قد ضبطه متلبسًا بسرقة أموال من مكتب المدير، وشهد بالحقيقة دون تزييف، رغم محاولاته المتكررة لنصحه وإصلاحه، هذه الشهادة كانت كفيلة بإشعال نار الحقد في قلب الجاني، الذي لم يقف الأمر لديه عند الكراهية فقط، بل حاول ذات يوم اقتحام منزل محمود مستغلًا غيابه، ما أثار ذعر الزوجة ودفعها لإبلاغ الشرطة.
ورغم كل هذا، لم يتوقف محمود عن تقديم الخير؛ فساعد زميله في استخراج شهادة محو الأمية ودربه على قيادة السيارات، لكنه لم يعلم أن الشيطان قد تغلغل في قلب عصام إلى هذا الحد.
وفي يوم 6 أكتوبر، بينما كان محمود يقود سيارته عائدًا من القاهرة إلى أسيوط، وبرفقته زوجة صاحب الشركة، ومحمد عصام وزوجته “هبة”، أقدم الجاني على تنفيذ جريمته. ففي منطقة نائية على مشارف أسيوط الجديدة، استلّ عصام سكينًا كان قد أعده سلفًا، وطعن محمود في رقبته طعنة قاتلة، أردته قتيلًا في الحال، لم تكتفِ وحشيته بذلك، بل طعن زوجته “هبة” التي حاولت الدفاع عن المجني عليه، رغم كونها حاملًا، ما تسبب في إصابتها بجروح بالغة قبل أن يفر هاربًا على دراجته النارية.
ولا تزال التحقيقات جارية وسط مطالبات شعبية وقانونية بتوقيع أقصى العقوبة على الجاني، الذي لم يراعِ دينًا ولا إنسانية، ليكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه خيانة الأمانة وغدر الرفاق.