تشهد دول أوروبا أزمة ديموجرافية غير مسبوقة مع استمرار انخفاض معدلات الخصوبة وارتفاع متوسط الأعمار، ما يهدد بتراجع أعداد السكان وتقلص القوى العاملة خلال العقود المقبلة.
إيطاليا الأكثر تضررا
فى إيطاليا، التي تعد من أكثر الدول تضررا، سجلت الإحصاءات الأخيرة أدنى معدل مواليد منذ الحرب العالمية الثانية، إذا لا يتجاوز متوسط الخصوبة 1.2 طفل لكل امرأة، أى أقل بكثير من المعدل اللازم لاستقرار السكان 2.1، وتعزو الحكومة الإيطالية هذه الأزمة إلى تأخر الزواج وارتفاع تكاليف المعيشة وصعوبة التوفيق بين العمل والحياة الأسرية.
أما ألمانيا القوة الاقتصادية الأكبر فى القارة فقد حاولت معالجة التراجع عبر سياسات تشجيع الإنجاب، مثل الإجازات الطويلة للأمهات، ودعم دور الحضانة لكنها ما زالت تسجل معدلات خصوبة منخفضة لا تتجاوز 1.5.
إسبانيا: انخفاض مستمر في معدلات الخصوبة
سجلت إسبانيا معدل خصوبة بلغ 1.12 طفل لكل امرأة، وهو من أدنى المعدلات في أوروبا. هذا الانخفاض المستمر يعكس تحديات اقتصادية واجتماعية، بما في ذلك ارتفاع تكاليف المعيشة، وصعوبة التوازن بين الحياة المهنية والعائلية، ونقص الدعم الحكومي للأسر. تؤدي هذه العوامل إلى تراجع رغبة الأجيال الشابة في الإنجاب، مما يساهم في شيخوخة السكان وتقلص القوى العاملة.
فرنسا: تراجع الرغبة في الإنجاب
أما في فرنسا، فقد سجلت البلاد معدل خصوبة بلغ 1.62 طفل لكل امرأة، وهو أدنى مستوى منذ نهاية الحرب العالمية الأولى. تُعزى هذه الظاهرة إلى انخفاض الرغبة في الإنجاب، خاصة بين النساء في الفئة العمرية 30-34 عامًا، على الرغم من استقرار عدد النساء في سن الإنجاب. تشير الدراسات إلى أن هذا التراجع قد يكون نتيجة لعوامل اقتصادية واجتماعية، مثل ارتفاع تكاليف الحياة، وتحديات التوازن بين العمل والحياة الأسرية، وتغيرات في القيم الاجتماعية.
تحذر المفوضية الأوروبية من أن هذه الاتجاهات قد تهدد النمو الاقتصادي وتزيد العبء على أنظمة التقاعد والرعاية الصحية، إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لدعم الأسر الشابة وتحفيز الإنجاب. وبينما تبحث الحكومات عن حلول، يبدو أن القارة العجوز بدأت تخشى أن تصبح اسمًا على مسمى.
التحديات المستقبلية
يُشكل انخفاض معدلات الخصوبة تحديًا كبيرًا للدولتين، حيث يؤدي إلى شيخوخة السكان، وزيادة الضغط على نظم الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، وتقلص القوى العاملة. تُظهر التقارير أن فرنسا شهدت زيادة في عدد الوفيات نتيجة لدخول أجيال ما بعد الحرب إلى أعمار متقدمة، وفي إسبانيا، يُتوقع أن يؤدي هذا التراجع إلى انخفاض في عدد السكان في المستقبل القريب.
