
نضال النساء الصحراويات من أجل الاستقلال يروي حكاية شعب يعيش في صحراء شمال إفريقيا، غرب الجزائر وجنوب المغرب، حيث يتصدر المشهد حضور قوي للمرأة في جميع تفاصيل الحياة اليومية والمقاومة، فقد وجدت النساء الصحراويات أنفسهن في قلب معركة لم تنتهِ منذ عقود، وقمن ببناء مجتمع متكامل في مخيمات اللاجئين وسط ظروف ملهمة تدفع للإعجاب.
نضال النساء الصحراويات
منذ بداية النزاع في الصحراء الغربية، برز دور النساء الصحراويات من خلف الستار ليشكلن علامة فارقة في مسار المقاومة، لم يقتصر دور المرأة الصحراوية على رعاية الأسرة أو إدارة شؤون الخيمة فقط، بل تطور ليشمل قيادة المجتمعات المصغرة واتخاذ القرارات حتى في الشؤون القبلية، فقد شاركت النساء في اجتماعات مجلس “آيت أربعين” التاريخي مع ممثلي القبائل،
وساهمن في تحديد مصير العلاقات الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع الصحراوي دون أن يترددن في تحمل المسؤوليات في غياب الرجال الذين كانوا مشغولين بالحروب أو التجارة. لقد كان للنساء الصحراويات حق الميراث والاستقلال النسبي مقارنة بكثير من المجتمعات العربية والإسلامية المتشددة تجاه المرأة، وهو ما جعل حضورهن قاعدة اجتماعية ظلّت صامدة برغم كل التحديات، كما أن تحوّل الأدوار في ظل النزاعات دفع أجيالًا جديدة من النساء لتطوير الذات وتوسيع دوائر المشاركة في الإدارة والتعليم والصحة.
النساء الصحراويات في خضم المقاومة
مع اندلاع المقاومة ضد الاستعمار الإسباني ثم الاحتلال المغربي، شاركت النساء الصحراويات في تأسيس الاتحاد الوطني للمرأة الصحراوية عام 1974، وشرعن بتنظيم الدعم اللوجستي والسياسي للمقاتلين في جبهة البوليساريو، لم يكن الأمر قاصرًا على الحشد والدعم النفسي فقط، بل امتّد إلى حمل السلاح،
تأمين المعسكرات، رعاية الأسر الفارة، وتنفيذ عمليات حماية للمخيمات واللاجئين في أوقات الخطر. وفي مخيمات اللاجئين أصبحت النساء الصحراويات يشكلن ما يقرب من 90% من السكان نتيجة انخراط أغلب الرجال في الجبهة القتالية، وهكذا تولّت النساء قيادة الإدارة المحلية، التعليم، تنظيم الرعاية الصحية، والتخطيط اليومي لحياة آلاف العائلات في ظروف قاسية من الحرمان والطموح بالحرية.
- إدارة شؤون التعليم والعمل في المدارس.
- الإشراف على الرعاية الصحية والتمريض.
- تأمين الإمدادات الغذائية وتوزيعها.
- تنظيم الفعاليات والأنشطة المجتمعية.
- المشاركة في الأعمال الإدارية على مستوى “الدويرات” و“الولايات”.
ففي السابق، كانت أعداد المعلمات والنشيطات في التعليم نادرة نظرًا لمنع التعليم عن النساء في حقبة الاستعمار الإسباني، بينما حاليًا تصل نسبة النساء العاملات في قطاع التعليم إلى ما يفوق 90%، وباتت هناك طبيبات وجراحات تخرجن في الخارج وعدن لخدمة مجتمعهن بأمل وحب كبيرين.
الحضور السياسي والصوت العالمي
لم يقف طموح النساء الصحراويات عند حدود المخيمات أو العمل المدني، فقد نجحت بعضهن في تولي مناصب إدارية وسياسية، خاصة على مستوى “الدويرات”، وتم انتخاب أول والية امرأة في “سمارة” في التسعينات، مع بقاء التمثيل النسائي في الوزارات والمناصب العليا محدودًا نوعًا ما، إذ أن هناك وزيرة واحدة وأخريات كسفيرات في الخارج. تحمل النساء الصحراويات رسالتهن إلى العالم من خلال المبادرات التعليمية والمشاركات في المؤتمرات الدولية، من بينهن سيدات حصلن على منح دراسية في أوروبا وأمريكا وعدن لينقلن الصورة الحقيقية لمعاناة وقوة المجتمع الصحراوي، وهناك من يناضلن على المنابر الدولية في الأمم المتحدة وأمام الصحافة العالمية لإيصال صوت النضال الصحراوي وقضيته العادلة.
المجال | نسبة إشغال النساء |
---|---|
التعليم | أكثر من 90% |
الصحة | الغالبية نساء |
الإدارة المحلية | رؤوساء الدويرات جميعهن نساء |
الوظائف الوزارية | وزارة واحدة فقط تحت قيادة امرأة |
لقد عبرت قصص النساء الصحراويات حدود المخيمات لتصبح مصدر إلهام للجيل الجديد، إذ إن الفتيات اللواتي نشأن في تلك الظروف يواصلن التعليم والسعي نحو العدالة، حاملات في قلوبهن شعلة الأمل بقوة التغيير. نضال النساء الصحراويات من أجل الاستقلال رسم ملامح مجتمع صلب ومتكاتف، نافس بقدراته رغم كل الظروف الصعبة، لتظل المرأة الصحراوية رمزًا دائمًا للصبر والإبداع والإيمان بالحرية والكرامة.