
تصدّر الفنان محمد سلام محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، بعد ظهوره اللافت في احتفالية وطن السلام التي أقيمت بحضور السيد رئيس الجمهورية، حيث قدّم كلمة صادقة ومؤثرة عن أرض سيناء، عبّر من خلالها عن عمق انتمائه للوطن، ما جعله محط إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء.
الظهور لم يكن عاديًا، بل جاء في توقيت رمزي يحمل الكثير من الدلالات، إذ أعاد إلى الأذهان موقف محمد سلام الإنساني قبل عامين، حين رفض المشاركة في أحد العروض الفنية بموسم الرياض عام 2023 تضامنًا مع القضية الفلسطينية، وهو الموقف الذي قوبل وقتها باحترام كبير، رغم ما تكبده الفنان من خسائر مهنية.
الفنان كريم الحسيني كان أول من التفت إلى هذا التزامن المدهش، فنشر عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك” منشورًا مؤثرًا وجه فيه رسالة دعم لصديقه محمد سلام، كتب فيها: “يا سبحان الله، ماذا بينك وبين الله لتُجبر بهذا الشكل؟ في اليوم نفسه منذ عامين رفضت المشاركة في عرض تضامنًا مع فلسطين، واليوم تقف أمام رئيس الجمهورية في احتفال وطني تتحدث فيه عن أرض سيناء.
إنها لحظة لا يمكن تفسيرها إلا بأنها عدل السماء حين تكرم من يخلص في نيّته ويصبر على مواقفه.”
تفاعل الجمهور مع منشور الحسيني بشكل واسع، وأشاد الكثيرون بموقف محمد سلام، معتبرين أن ما حدث معه يمثل نموذجًا نادرًا لجبر الخاطر الإلهي والإنصاف الحقيقي في عالم الفن، حيث كثيرًا ما يختبر النجاح مدى صبر الإنسان على مبادئه.
وانتشرت صور وفيديوهات محمد سلام من الاحتفالية على نطاق واسع، مصحوبة بتعليقات تؤكد أنه من القلائل الذين يجمعون بين الموهبة والإنسانية، وأن قيمته تتجاوز حدود الشاشة لتصل إلى القلوب، لما يحمله من صدق وتواضع واحترام لقيم الفن والوطن.
ويُعد محمد سلام من أبرز نجوم جيله في الكوميديا والدراما، وقد أثبت على مدار سنوات عمله أن النجاح الحقيقي لا يُقاس فقط بعدد الأعمال، بل بالمواقف التي تُظهر جوهر الفنان ومعدنه الأصيل.
جبر الخاطر الإلهي في حياة الفنانين
ربما ما حدث مع محمد سلام يختصر معنى “النية الطيبة لا تضيع عند الله”، فالفنان الذي اختار أن يلتزم بموقفه تضامنًا مع قضية إنسانية عاد ليُكرَّم على أرض وطنه، أمام رئيس بلاده، وفي اليوم ذاته الذي رفض فيه يومًا ما مغريات المشاركة. وكأن القدر أراد أن يقول إن الأرزاق لا تضيع، وإن من يصدق في مواقفه يفتح الله له أبوابًا لم يكن يتخيلها.
ولعل الرسالة الأعمق من قصة محمد سلام ليست فقط عن النجاح أو التكريم، بل عن معنى الصدق مع الله والنفس، وعن كيف يمكن لموقف واحد مخلص أن يغيّر مسار حياة بأكملها، فيجعل صاحبه قدوة للجيل الجديد من الفنانين الذين يبحثون عن المجد دون أن يخسروا إنسانيتهم.
