تستعد مصر رسميًا لتطبيق نظام التوقيت الشتوي ابتداءً من الجمعة المقبلة، في خطوة تأتي ضمن الإجراءات التنظيمية التي تتبعها الدولة مرتين سنويًا، لضبط مواعيد العمل والطاقة وتنسيق الأنشطة اليومية بما يتناسب مع تغير الفصول. ومع بدء العد التنازلي لتغيير الساعة، ينتظر المواطنون تحريك عقارب الساعة إلى الوراء 60 دقيقة في تمام منتصف ليل الخميس/الجمعة، لتبدأ البلاد رسميًا في العمل بالتوقيت الشتوي اعتبارًا من يوم الجمعة المقبل.
ويُعد هذا التغيير جزءًا من السياسة الزمنية التي تعيد مصر تطبيقها منذ العام الماضي بعد توقف دام عدة سنوات، بهدف تحقيق توازن أفضل بين استهلاك الطاقة ومواعيد العمل والدراسة، خاصة مع اختلاف ساعات الإضاءة الطبيعية بين فصلي الصيف والشتاء.

متى يبدأ التوقيت الشتوي رسميًا؟
وفقًا لقرار مجلس الوزراء المصري، يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي اعتبارًا من الساعة الثانية عشرة صباح يوم الجمعة المقبلة، حيث يتم تأخير الساعة 60 دقيقة كاملة. أي أن الدقيقة الأخيرة من يوم الخميس عند الساعة 11:59 مساءً ستُعاد لتصبح 10:59 مساءً، وبذلك يبدأ اليوم الجديد بالتوقيت المعدل.
ويستمر تطبيق التوقيت الشتوي في مصر حتى نهاية أبريل من العام المقبل، حيث تعود البلاد لاحقًا إلى التوقيت الصيفي مجددًا، بتقديم الساعة 60 دقيقة أخرى. ويأتي هذا النظام كآلية معتمدة في العديد من دول العالم، من بينها دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بهدف تحقيق أقصى استفادة من ضوء النهار خلال فصول معينة من السنة.
لماذا تعود مصر إلى تطبيق التوقيتين الصيفي والشتوي؟
العودة إلى تطبيق نظام التوقيتين الصيفي والشتوي جاءت بعد دراسات حكومية أظهرت أن تعديل الساعة يمكن أن يسهم في توفير استهلاك الكهرباء والطاقة بنسبة ملحوظة، نظرًا لتقليل فترات استخدام الإضاءة في ساعات الذروة. كما يهدف القرار إلى تحسين كفاءة الموارد الطاقية وتخفيف الضغط على الشبكة القومية للكهرباء، خصوصًا مع ارتفاع معدلات استهلاك الطاقة في فصل الصيف.
من جانب آخر، يساعد التوقيت الشتوي على تحسين نمط الحياة اليومية للمواطنين خلال أشهر الشتاء، حيث تتأخر ساعات الشروق والغروب، مما يجعل مواعيد العمل والدراسة أكثر ملاءمة للظروف المناخية، خاصة مع انخفاض درجات الحرارة وطول ساعات الليل. هذا التعديل الزمني يتيح أيضًا للقطاعات الخدمية والاقتصادية ضبط جداولها بما يحقق الانسجام مع ساعات النهار الطبيعية.
ماذا يعني التوقيت الشتوي للمواطن؟
بالنسبة للمواطن المصري، فإن التغيير ببساطة يعني أنه يجب تأخير الساعة ساعة واحدة قبل النوم ليلة الخميس المقبلة. وبهذا التعديل، سيلاحظ المواطنون أن شروق الشمس سيكون في وقت أبكر نسبيًا، كما أن غروبها سيأتي في وقت مبكر، مما يغير إيقاع اليوم الطبيعي بالنسبة للأفراد والأسر.
وتؤكد الحكومة أن تغيير الساعة لا يؤثر على المواعيد الرسمية للمؤسسات، حيث سيتم ضبط كافة الأنظمة الإلكترونية في الجهات الحكومية والمصارف وشركات الطيران والسكك الحديدية تلقائيًا. وقد أصدرت وزارات الدولة المختلفة تنبيهات للعاملين لديها بضرورة مراعاة التغيير في مواعيد الاجتماعات والخدمات العامة ابتداءً من صباح الجمعة.
ردود الفعل بين المواطنين ومواقع التواصل الاجتماعي
مع اقتراب تطبيق التوقيت الشتوي، تفاعل آلاف المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي مع الخبر، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض. فالبعض يرى أن النظام الحالي يؤدي إلى اضطراب مؤقت في مواعيد النوم والعمل، خاصة في الأيام الأولى للتطبيق، بينما يرى آخرون أنه يساعد على تنظيم الوقت والاستفادة من ضوء النهار بشكل أفضل.
وعلى منصات “إكس” (تويتر سابقًا) و“فيسبوك”، تداول المستخدمون تعليقات طريفة حول “كسب ساعة إضافية من النوم” يوم الجمعة، في حين أبدى آخرون تساؤلات حول مدى فاعلية هذا النظام في تقليل استهلاك الطاقة فعليًا. وبين المزاح والجدية، يبقى الموضوع حاضرًا في أحاديث المصريين اليومية مع اقتراب لحظة التغيير المنتظرة.
ماذا عن القطاعات الحيوية والمواصلات والطيران؟
في إطار الاستعدادات، أعلنت وزارة الطيران المدني وهيئة السكك الحديدية ومترو الأنفاق اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان عدم تأثر الجداول الزمنية بالتحول إلى التوقيت الشتوي. وأكدت وزارة الطيران أن مواعيد الرحلات الجوية سيتم تعديلها تلقائيًا على أنظمة الحجز، دون الحاجة إلى أي تدخل من المسافرين.
كما أكدت وزارة النقل أن جميع جداول القطارات والمترو ستُحدّث أوتوماتيكيًا في أنظمة التشغيل الإلكترونية، لضمان انتظام الرحلات دون أي تأخير أو ارتباك. وفي الوقت نفسه، شددت وزارة الكهرباء على أن تطبيق التوقيت الشتوي يمثل خطوة مهمة نحو ترشيد الطاقة، خاصة خلال فترات الذروة المسائية التي تشهد ارتفاعًا في معدلات الاستهلاك.
خلفية تاريخية عن نظام التوقيت في مصر
يُذكر أن مصر كانت من أوائل الدول في الشرق الأوسط التي طبّقت نظام التوقيت الصيفي والشتوي، حيث بدأ العمل به رسميًا منذ خمسينيات القرن الماضي. إلا أن النظام شهد توقفًا لعدة فترات، قبل أن تعود الحكومة لتفعيله عام 2023 في إطار خططها لترشيد الطاقة وتحسين كفاءة الاستخدام.
وقد مرّ تطبيق النظام بمراحل متعددة، حيث أُلغي في بعض السنوات نتيجة لتباين الآراء حول تأثيره على الحياة اليومية، ثم أعيد العمل به مجددًا بعد دراسات أظهرت جدواه الاقتصادية. واليوم، ومع التطور التكنولوجي الذي يسهل ضبط الأنظمة الزمنية إلكترونيًا، أصبح تطبيق التوقيت الشتوي أكثر سهولة وانسيابية من أي وقت مضى.
نصائح للمواطنين قبل تغيير الساعة
مع اقتراب الموعد، نصح خبراء النوم والصحة العامة المواطنين بضرورة تهيئة الجسم تدريجيًا للتغيير الزمني عبر النوم في وقت أبكر خلال الأيام السابقة للتطبيق، لتفادي الشعور بالإرهاق في اليوم التالي. كما يُفضل التأكد من ضبط الساعات اليدوية والمنزلية قبل النوم ليلة الخميس، خاصة الساعات التي لا تُحدث نفسها تلقائيًا.
كما شدد الخبراء على أهمية ضبط المنبهات والمواعيد الخاصة بالأعمال والمدارس والرحلات وفق التوقيت الجديد، لتجنب أي التباس صباح الجمعة. وأوصت بعض المؤسسات التعليمية والأهلية بنشر توعية بسيطة على مواقعها لتذكير أولياء الأمور والطلاب بالتوقيت الجديد قبل انطلاق الأسبوع الدراسي التالي.
مصر تضبط ساعتها على إيقاع الشتاء
مع حلول الجمعة المقبلة، ستعود عقارب الساعة في مصر إلى الوراء ساعة واحدة، إيذانًا ببدء فصل زمني جديد يتزامن مع تغير الطقس وعودة الأجواء الشتوية. ويؤكد المسؤولون أن هذه الخطوة ليست مجرد تعديل للوقت، بل هي إجراء تنظيمي يهدف إلى تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتسهيل نمط الحياة اليومية خلال فصل الشتاء.
وبينما يرحب البعض بساعة نوم إضافية، وينظر آخرون إليها كتحدٍ في ضبط روتينهم اليومي، يبقى المؤكد أن الجمعة المقبلة ستشهد توحيد ساعة المصريين على إيقاع الشتاء القادم.
