
يوم الجمعة: فضله وآدابه وأحكامه عند المسلمين
يُعتبر يوم الجمعة من أهم وأحب الأيام عند المسلمين، فهو يوم يجتمع فيه المسلمون في المساجد لأداء صلاة الجمعة، ولذلك يُشبه يوم عيد للمسلمين. ويُخصص هذا اليوم لتدارس شؤون الدين والدنيا من خلال خطبة الجمعة الأسبوعية، وبعد أداء الصلاة يجتمع المسلمون على المحبة والرحمة. وعند انتهاء الصلاة، ينتشر المسلمون في الأرض طلبًا للرزق والعمل، كما ورد في القرآن الكريم:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” [الجمعة: 10-11].
وقد نص الفقهاء على مجموعة من الفضائل والأحكام الخاصة بيوم الجمعة، منها فضل الصلاة، وحكم البيع والشراء قبل وأثناء وبعد الصلاة، وحكم تارك صلاة الجمعة، وحكم صلاة الجمعة للمسافر، وغيرها من المسائل العملية التي يجب على المسلم مراعاتها.
فضل يوم الجمعة
يتميز يوم الجمعة عن غيره من الأيام بأفضلية خاصة، لما فيه من اجتماع المسلمين، وأداء الصلاة، وذكر الله. وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
“خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُهبط منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة”.
وزاد مالك وأبو داود: “وفيه يموت، وما من دابة إلا وهي مُصيخة يوم الجمعة من حين تُصبح حتى تطلع الشمس، إلا الجن والإنس”.
كما ورد عن الترمذي: “وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه إياه”.
حكم صلاة الجمعة
صلاة الجمعة فريضة على كل مسلم ذكر بالغ عاقل حاضر، وقد ثبت فرضيتها من القرآن الكريم والسنة النبوية. وقد أجمعت الصحابة على مواظبتهم على أدائها، كما أجمع الفقهاء على وجوبها، مع مراعاة الشروط الخاصة.
دليل فرضيتها من القرآن والسنة والإجماع
من القرآن: استدل الفقهاء بقول الله تعالى: “فاسعوا إلى ذكر الله” [الجمعة: 9]، إذ يُعد الأمر بالسعي دليلًا على الوجوب، وتحريم البيع أثناء الصلاة دليل على أهميتها.
من السنة: روى عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “لقد هممت أن آمر رجلًا يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتَهم”.
من إجماع الصحابة: أجمعت الأمة على مواظبة صلاة الجمعة وعدم تركها إلا لعذر شرعي.
حكم غسل الجمعة ووقته وآدابه
شرع للمصلي غسل الجمعة، وذهب جمهور الفقهاء إلى استحبابه، وورد عن بعض التابعين أنه واجب. ويستحب القيام بالغسل بعد طلوع الفجر وحتى وقت الصلاة، مع مراعاة الهدف من الغسل وهو الطهارة والنظافة. ويُستحب أن يلبس المصلي أجمل ثيابه ويتطيب قبل التوجه للمسجد، ويذهب بخطوات ثابتة هادئة دون إسراع، فقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
“من اغتسل يوم الجمعة فأحسن غسلَه وتطهر وأحسن طهوره ولبس من أحسن ثيابه، ثم أتى الجمعة ولم يلغ ولم يفرق بين اثنين، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى”.
صلاة وخطبة الجمعة
صلاة الجمعة تتكون من خطبتين وصلاة، ويبدأ الإمام أولًا بالخطبة ثم أداء الصلاة. الخطبتان ركنان أساسيان، ويجب أن تتضمن حمد الله والصلاة على النبي، ووعظ الناس بما يتعلق بأمور الدين والدنيا، وقراءة شيء من القرآن ولو قليل.
أما صلاة الجمعة نفسها فهي ركعتان بعد الخطبة، تصلى جهرًا لا سرًا، ويقول الفقهاء أن الركعتين الأخريين من صلاة الظهر تُحسب ضمن صلاة الجمعة.
الخلاصة
صلاة الجمعة تجمع بين الطهارة الروحية والجسدية، وتعتبر من أعظم العبادات التي يُستحب التحضير لها بالسنن والآداب الخاصة، فهي يوم اجتماع المسلمين على الخير والطاعة، وفيها ساعة مستجابة للدعاء، وأجرها عظيم لمن أحسن التهيؤ لها وأدائها بخشوع.
