أزمة انتخابية تعصف بالبلاد بعد إعلان المعارضة فوزها

أزمة انتخابية تعصف بالبلاد بعد إعلان المعارضة فوزها



 

تشهد جمهورية الكاميرون واحدة من أكثر المراحل السياسية اضطرابًا منذ عقود، بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 أكتوبر 2025، والتي فجّرت أزمة حادة بين النظام الحاكم والمعارضة، وسط اتهامات واسعة بالتزوير وانتهاكات ممنهجة ضد الحريات العامة.

مرشح المعارضة يعلن الفوز… والحكومة تلتزم الصمت

أعلن عيسى تشيروما، مرشح المعارضة البارز، فوزه في الانتخابات، مؤكدًا أن النتائج الأولية التي جمعتها حملته تظهر “تقدمه الواضح في معظم الدوائر الانتخابية”.
لكن الحكومة الكاميرونية لم تصدر حتى الآن بيانًا رسميًا بشأن النتائج، بينما تؤكد المصادر القريبة من القصر الرئاسي أن الرئيس بول بيا، البالغ من العمر 92 عامًا، “فاز بولاية ثامنة” بعد أكثر من 42 عامًا في السلطة.

اتهامات بالتزوير وقمع سياسي واسع

تشيروما اتهم السلطات بـ “تزوير منظم” لنتائج التصويت، مشيرًا إلى أن أجهزة الأمن قامت باعتقال عدد من قادة المعارضة وتعطيل عمل مراكز الاقتراع في مناطق عدة، خاصة في ياوندي ودوالا.
شهود محليون تحدثوا عن اقتحامات لمكاتب الصحف المستقلة واعتقال صحفيين حاولوا تغطية عمليات فرز الأصوات.

المنظمات الحقوقية، من بينها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، أصدرت بيانات متزامنة نددت فيها بـ “الاستخدام المفرط للقوة” ضد المتظاهرين، مشيرة إلى سقوط عشرات القتلى وإصابة المئات في اشتباكات مع قوات الأمن.

تأجيل الانتخابات البرلمانية والمحلية يثير الجدل

في خطوة زادت المشهد تعقيدًا، أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات تأجيل الانتخابات البرلمانية والمحلية إلى عام 2026، بحجة “الظروف الأمنية واللوجستية”.
لكن المراقبين رأوا في القرار محاولة من الحزب الحاكم لتثبيت قبضته السياسية وتجنب خسائر محتملة في البرلمان، خصوصًا مع تصاعد الغضب الشعبي وتراجع الثقة في مؤسسات الدولة.

الأوضاع الأمنية… جرح مفتوح

إلى جانب الأزمة السياسية، تواجه الكاميرون وضعًا أمنيًا هشًا، خصوصًا في المناطق الناطقة بالإنجليزية غرب البلاد، حيث تستمر المواجهات بين الجيش والجماعات الانفصالية المطالبة بالحكم الذاتي.
التقارير الميدانية تشير إلى نزوح الآلاف خلال الشهرين الأخيرين، وتدهور الأوضاع الإنسانية في تلك المناطق.

ردود فعل دولية متحفظة

الاتحاد الإفريقي دعا إلى “التهدئة وضمان الشفافية في إعلان النتائج”، فيما طالبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي السلطات الكاميرونية بـ “احترام إرادة الناخبين ووقف الاعتقالات السياسية”.
أما فرنسا، الحليف التقليدي لبول بيا، فاكتفت بدعوة الطرفين إلى “الحوار الوطني”، دون أن تُدين الانتهاكات بشكل مباشر.

مستقبل غامض

تبدو الكاميرون اليوم أمام مفترق طرق حاسم:
إما أن ينفتح النظام على عملية سياسية جديدة تسمح بتداول السلطة والإصلاح،
أو أن تستمر حالة القمع والتوتر، بما قد يدفع البلاد إلى موجة جديدة من الاضطرابات قد تتجاوز طابعها السياسي لتتحول إلى أزمة وطنية شاملة.

ومع غياب الثقة بين السلطة والمعارضة، واستمرار القبضة الأمنية، يظل مصير الكاميرون مرتبطًا بقدرة نخبتها السياسية على تجاوز إرث أربعة عقود من الحكم المطلق.

 





تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *